ـألسلام عليكم ورح ـمة ـألله وبـركـآآته..~
يتمنى الواحد منا أن يعيش طوال عمره متلذذاً بالطاعة، مستمراً عليها، قائم الليل، صائم النهار، دائم الذكر، عامل الفكر، عالي الهمة، حسن السريرة، ولكنّ نفسه لا تطيق ذلك كله؛ ويُرْجِعُ السببَ إلى فساد الزمان، وكثرة الأشغال، وتوالي الأحزان.
فإذا اقتنع بهذه الحجج الواهية، لبَّس الشيطان عليه أمره، ورضي بالقليل من الذِكر، والصلاة، والصيام، وسائر الأوراد.
ولو سأل كل منَّا نفسه هذه الأسئلة:
كم ركعة أقوم فيها الليل بشكل يومي؟
هل لي ورد يومي من القرآن أحافظ عليه ولو قليلاً؟
كم مرَّة أذكر الله فيها بالأوراد الشرعية؟
هل أذكر الله مائة مرة (لا إله إلا الله ...)، و (سبحان الله وبحمده)؟
هل لي أيام أصوم فيها كل أسبوع، أو كل الشهر على الأقل لا أتنازل عنها؟
هل لي صدقة يومية أجمعها، ثم أدفعها إلى مؤسسة خيرية، ولو كان المال قليلاً؛ لأحوز على دعوة المَلَك "اللهم أعط منفقاً خلفاً"؟
هل أحافظ على الفرائض في أوقاتها، وخاصة صلاتي العصر والفجر؟
هل لي نشاط رياضي مناسب أواظب عليه للمحافظة على صحتي؛ حتى أتمكن من عبادة ربي؟
هل لي ورد يومي من قراءة الكتب النافعة؟
هل لي مشاركة اجتماعية أسبوعية أعود بها مريضاً، أو أجيب دعوة، أو أشهد جنازة؟
هل حافظت على السنن الرواتب (اثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة)؛ لأفوز ببيت في الجنة؟
هل أحافظ على الجلوس في مصلى الفجر حتى تطلع الشمس مرة أو أكثر في الأسبوع؛ لأحظى بثواب حجة وعمرة تامتين؟
هل أحافظ على أذكار الصباح والمساء الشرعية؟
اسأل نفسك واسأل من يعز عليك؛ فقد روى أبو هريرة أن رسول الله قال يوما: "من أصبح منكم اليوم صائماً؟ قال أبو بكر الصديق: أنا. قال: فمن تبع منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكر: أنا. قال: فمن أطعم اليوم مسكينا؟ قال أبو بكر: أنا. قال رسول الله: ما اجتمعن في رجل إلا دخل الجنة".
فإذا لم تكن هناك أجوبة مسددة، فانظر وتأمل..
عن أبي داود الحفري قال: دخلت على كرز بن وبرة بيته فإذا هو يبكي.
فقيل له: ما يبكيك؟
قال: إن بابي لمغلق، وإن ستري لمسبل، ومنعت جزئي أن أقرأه البارحة، وما هو إلا من ذنب أذنبته.
وقال الحسن البصري لرجل: إذا لم تقدر على قيام الليل، ولا صيام النهار، فاعلم أنك محروم، قد كبلتك الخطايا والذنوب.
هكذا كان السلف يتعاملون مع أنفسهم، عالمين بأدويتها ومثبطاتها، وكانوا يعتقدون أن الذنوب هي السبب الرئيس في هبوط إيمانهم، وضعف عبادتهم.
لقد كانوا يربطون ذلك بالذنوب. أما نحن ففهمنا أن الذنوب هي الموبقات فحسب، ونسينا أن إيذاء الناس بالقول والعمل، وإخلاف الوعد، وتضييع الحق، والنوم عن صلاة الفجر، كلها حواجز عن رفعة الإيمان في النفوس.
فهل نتعامل مع أنفسنا بالحق، ونداوي أدواءنا بأنفسنا، أم سنبقى نرى السبب في غيرنا؟